عن محمد بن الحنفية، قال: قال أمير المؤمنين (ع)سمعت رسول الله (ص) يقول، في حديث طويل في فضل أهل البيت (ع): وسيكون بعدي فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل وليجة وبطانة، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك) (المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي / الكوراني: 162.المصدر نفسه: 163 – 164).
أقول: أولاد أمير المؤمنين (ع) هم الحسن والحسين والسجاد والباقر والصادق والكاظم والرضا (وهو السابع من ولد علي (ع)) ثم الجواد والهادي والعسكري والمهدي(وهو الرابع من ولد السابع)، إذن من هو الخامس من ولد السابع؟؟ ومعلوم إن أولاد أمير المؤمنين (ع) هم ذاتهم أولاد رسول الله(ص) ، فعلي أخوه وابن عمه .
وعن عبدالرحمن بن أبي ليلى، قال علي (ع)كنت عند النبي (ص) في بيت أم سلمة... الى أن قال (ع): ثم التفت إلينا رسول الله (ص) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي. قال علي: فقلت: يارسول الله، فما تكون هذه الغيبة؟
قال: الصمت حتى يأذن الله له
فما هي الغيبة التي تتحدث عنها الرواية فلا تصلح قرينة على أن المراد هو الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)، فقد علمنا أن إحصاء أولاد أمير المؤمنين (ع) يتعارض مع هذه النتيجة، وفضلاً عن ذلك إن للإمام المهدي(ع) غيبتين لاغيبة واحدة، كما تقرر هذه الرواية. وأخيراً فإن الرواية تفسر معنى الغيبة بأنه الصمت . وغيبة الإمام المهدي (ع) اختفاؤه لا صمته.
وليتأكد المعنى أكثر أنقل لكم الرواية الآتية عن الكافي، قال إن الإمام الكاظم (ع) قال لأولاده وأرحامهإذا فقد الخامس من ولد السابع فالله الله في أديانكم، لايزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به!؟ إنما هي محنة من الله عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. قال، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه) (الكافي / ج1: 336(.
الإمام الكاظم (ع) يحدث هنا اولاده وأرحامه، وهم من أقرب الناس إليه، ولابد أن يكونوا قد سمعوا وعرفوا غيبة الإمام المهدي (ع)، وهل يمكن لأحد أن يتصور أنهم يجهلون اسم الإمام المهدي؟ إذن لماذا يسألون عنه (أي الإسم)؟ وكيف نفهم جواب الإمام الكاظم (ع): (يا بني عقولكم تصغر عن هذا وأحلامكم تضيق عن حمله)،
هل تصغرعقول أولاد الإمام الكاظم وأرحامه، وتضيق أحلامهم عن معرفة اسم الإمام المهدي؟؟، أم أن الأمر متعلق بشخص آخر؟ ولكم أن تتساءلوا لماذا يرجع عن هذا الأمر (أي أمر الإمامة عموماً وأمر القائم خصوصاً) من كان يقول به؟ وهل يرجع عنه إلا من قد كان دخل فيه وهم الشيعة؟
إنها المحنة كما نصت الرواية، ومحنة الشيعة خصوصاً.
والحر تكفيه الإشارة
وددت في ختام هذا المبحث التعريج على حديثين فيهما من الإشارة الدالة الشئ الكثير. أولهما ما ورد عن أبي عبيدة الحذاء، قالسألت أبا جعفر (ع) عن هذا الأمر، متى يكون؟ قال: إن كنتم تؤملون أن يجيئكم من وجه ثم جاءكم من وجه فلا تنكروه) (المعجم الموضوعي: 767.).
أليس في حديث الإمام الباقر (ع) إشارة الى أن الشيعة سيمرون باختبار وسيقع الكثير منهم في اللبس لأنهم يأملون أن يجيئهم من وجه وإذا به يجيئهم من وجه آخر لم يحسبوا له حساباً؟
أما الحديث الثاني فيمثله قول الإمام الصادق (ع)إذا قلنا لكم في الرجل منا قولاً فلم يكن فيه، وكان في ولده، فلا تنكروا ذلك) (تفسير القمي ج1 :1 10) .أقول ما معنى قوله (وكان في ولده)؟ هل هذا القول إشارة بلا معنى أم أن وراءه ما وراءه؟ لكم انتم أن تحكموا. ولعل بإمكانكم أن تستدلوا معنى شريفاً من هذا الحديث هو أن (أحمد) وأبيه يشكلان حقيقة واحدة منسجمة لاإثنينية فيها، فالأحاديث الواردة عن أهل البيت (ع) تتحدث عن الإمام المهدي وعن ولده أحمد في وقت واحد وفي سياق واحد، دون أن تميز أحدهما عن الآخر، ولهذا فهي تلتبس على من يقرؤها، وقد يراها البعض أحاديث متناقضة. بينما الحقيقة هي أن شخصية أحمد مندكة تماماً بشخصية أبيه، فلا إرادة لأحمد غير إرادة أبيه. هذه الحقيقة ركزت عليها الأحاديث لنفسها أولاً ولغايات أخرى منها المحافظة عليه من غائلة الأعداء، وقد علمت أن أبناء فاطمة حريصون على تقطيعه، ومنها أنه مورد إبتلاء الأ